في دراسة جديدة.. العلاج بالأكسجين عالي الضغط يحفّز الوظائف الإدراكية
في الأعوام المائة الماضية، ارتفع متوسط العمر المتوقع من 55 إلى 80 عاماً. وقد كانت للعلاجات الدوائية المبتكرة، والأجهزة الطبية المتطورة، والجوانب الأخرى للتشخيص والتداوي والاستشفاء دور جوهري في هذا التحوّل، حيث ينصب التركيز الرئيسي الآن على تمديد “سنوات الحياة بصحة جيدة” لمطابقة العمر المتوقع. وهناك بالطبع حدود للقدرات البدنية للجسم، إلا أن عضواً حيوياً واحداً، يرتبط بصورة نمطية بالعلاجات الحديثة، يُظهر استجابة عالية للعلاجات الجديدة، ألا وهو الدماغ. ويمكن القول إنه لا يقتصر ذلك على الحفاظ على وظائف الدماغ وحمايتها من التضاؤل، بل يمكن تحسينها أيضاً.
ولطالما كانت التغييرات في نمط الحياة، وخاصة النظام الغذائي والتمارين البدنية والذهنية، عاملاً مؤثراً في زيادة الوظائف الإدراكية مع تقدمنا في العمر. ومع أن الأغذية وأجهزة اللياقة البدنية والتطبيقات الموجّهة بصورة مباشرة للجيل الأكبر سناً باتت متاحة بوفرة وعلى نطاق واسع، إلا أن “إكسير” الأدوية أو العلاجات الأخرى التي تحارب التضاؤل المعرفي المرتبط بالعمر، ثبت حتى الآن أنه بعيد المنال.
وبيّنت دراسة نُشرت مؤخراً من قبل باحثين من إسرائيل أن العلاج بالأكسجين عالي الضغط (HBOT) يبرز بشكل متزايد على أنه علاج أساسي في عكس تضاؤل القدرات المعرفية المرتبطة بالعمر.
العلاج بالأكسجين عالي الضغط كمُحسّن لوظيفة الدماغ
قاد الدكتور شاي إفراتي والدكتور أمير هاداني، وفريق من مركز ساغول للأبحاث والعلاج بالضغط العالي في مركز شامير الطبي، مجموعة من الباحثين في دراسة جديدة تم نشرها في مجلة Aging الطيبة المتخصصة، حيث كشفت فوائد بروتوكول العلاج بالأكسجين عالي الضغط الذي تم ابتكاره في مركز شامير الطبي. وجاءت الدراسة كثمرة تعاون بين كلية ساكلر للطب، وكلية ساغول لعلوم الأعصاب في جامعة تل أبيب.
وتعد هذه الدراسة أول تجربة إكلينيكية وعشوائية بضوابط محددة تستكشف تأثير العلاج بالأكسجين عالي الضغط على الوظائف المعرفية لدى البالغين المسنين. وأكدت أن العلاج بالأكسجين عالي الضغط كان مفيداً بشكل خاص في تحسين الوظائف المعرفية الشاملة، مثل: الانتباه، وسرعة فهم ومعالجة المعلومات، والوظائف التنفيذية.
يبرز العلاج بالأكسجين عالي الضغط HBOT كعلاج أساسي في عكس تضاؤل القدرات المعرفية المرتبطة بالعمر.
دور العلاج بالأكسجين عالي الضغط في إبطاء أو عكس القدرات المعرفية المرتبطة بالعمر
أصدر الدكتور إفراتي بياناً تزامناً مع نشر الدراسة، شرح فيه العواقب والمخاوف المتعلقة بتراجع القدرات المعرفية والوظيفية في المجتمعات المتطورة للغاية. وقال: “تركز الجهود البحثية الرئيسية في جميع أنحاء العالم على تحسين الأداء المعرفي لما يسمى بالشيخوخة السكانية العادية. وفي دراستنا، التي تُجرى لأول مرة على البشر، وجدنا تدخلاً طبياً فعالاً وآمناً يمكنه معالجة هذه النتيجة غير المرغوب فيها لتضاؤل القدرات المرتبطة بالعمر”.
وأضاف الدكتور هاداني أن العلاج قيد الاستخدام الآن منذ عدة سنوات، وبدأ العلماء في فهم كيفية استعادة وظائف الدماغ باستخدام العلاج بالأكسجين عالي الضغط. واختتم الدكتور هاداني حديثه قائلاً: “في الماضي، أظهرنا قدرة العلاج بالأكسجين عالي الضغط على تحسين/ علاج إصابات الدماغ مثل السكتة الدماغية، وإصابات الدماغ الرضحية، وإصابات الدماغ بسبب نقص الأكسجين (نتيجة النقص المستمر في إمدادات الأكسجين) عن طريق زيادة تدفق الدم في الدماغ والتمثيل الغذائي. وسيكون لهذا البحث التاريخي تأثير بعيد المدى على الطريقة التي ننظر بها إلى عملية الشيخوخة والقدرة على علاج أعراضها”.
آلية العلاج بالأكسجين عالي الضغط
على الرغم من أن الدماغ يمثل 2٪ فقط من كتلة الجسم، إلا أنه يستخدم أكثر من 20٪ من كمية الأكسجين التي يحصل عليها الفرد، ويمكن أن يُعزى الكثير من أسباب انخفاض الأداء البدني والمعرفي إلى تراجع كفاءة معالجة الأكسجين بسبب بالشيخوخة.
ويستهدف بروتوكول HBOT هذه المشكلة عن طريق وضع المرضى في جناح مضغوط حيث يتنفسون أكسجين بنسبة 100%. وأدى هذا إلى زيادة الأكسجين في أنسجة الجسم بما يتراوح بين 10 إلى 15 مرة فوق المعدل الطبيعي. ولم يقتصر الأمر على زيادة مستويات الأكسجين بشكل عام وحسب، بل أن التقلبات في مستويات الأكسجين في الجسم تؤدي إلى إطلاق عوامل النمو للخلايا الجذعية، والتي تعزز بدورها من الشفاء.
استنتاجات حول الأكسجين ووظائف الدماغ
شملت الدراسة 63 من البالغين الأصحاء والنشطين الذين خضعوا لعلاج الأكسجين عالي الضغط HBOT لمدة ساعتين في اليوم، وعلى مدار خمسة أيام في الأسبوع طوال ثلاثة أشهر. وتم قياس وظائفهم المعرفية باستخدام سلسلة شاملة من التقييمات المعرفية المحوسبة. كما تم تحديد كمية تدفق الدم في الدماغ باستخدام تقنية التصوير بالرنين المغناطيسي التي تراقب عملية أو رحلة جريان الدم عبر الأعضاء والأنسجة، والمعروفة باسم نضح الدماغ.
ومن بين الاستنتاجات الأساسية للتحليل، العلاقة بين التحسينات المذكورة أعلاه وتدفق الدم الدماغي إلى مناطق مختلفة من الدماغ.
وتضخم الدراسة كتلة البيانات المتعلقة بفعالية العلاج بالأكسجين عالي الضغط من ناحية تحفيز وظائف الدماغ. وبشكل ملحوظ، أدى الجمع بين الأكسجين النقي والضغط العالي إلى زيادة مستويات الأكسجين في الأنسجة مع التركيز في الوقت نفسه على الجينات الحسّاسة للضغط. وبالإضافة إلى ذلك، انعكس هذا على تحسين واستعادة مستويات التمثيل الغذائي للأنسجة. وكانت هذه هي المرة الأولى التي لوحظ فيها مثل هذه الفوائد في المرضى الأصحاء، حيث ركزت الدراسات السابقة على المرضى الذين يعانون من إعاقات دماغية بسبب مجموعة من الحالات.
العلاج بالأكسجين عالي الضغط وانعكاس التضاؤل المعرفي في مرحلة الشيخوخة
تمثّلت التحسينات التي لوحظت في انتباه المشاركين وسرعات المعالجة المعرفية، ربما بسبب تضخيم تدفق الدم إلى الدماغ. وقد ساهم العلاج بالأكسجين عالي الضغط في تعزيز تدفق الدم في الدماغ، إلى جانب تجديد خلايا الدماغ والأوعية الدموية لدى الأفراد الذين لا يعانون من تلف في الدماغ. وكانت الدراسات السابقة قد ركّزت على فوائد إصابات الدماغ بعد السكتة الدماغية، والصدمات المرتبطة بنقص الأكسجين
ويمكن ملاحظة هذه التحسينات في الوظائف الإدراكية العامة بعد ستة أشهر من العلاج، إذ أفاد الدكتور إفراتي، في مقالة نشرها في مجلةPsychology Today ، بأن هذه الطريقة قد تداوي حتى أنسجة الدماغ التالفة. وأشار كذلك إلى أن هذه ستكون المرة الأولى التي تتم فيها ملاحظة تدخل طبي فعاّل لعكس التضاؤل المعرفي المرتبط بالعمر.
وقال: “معظم الأدوية والتدخلات العلاجية تعمل في أحسن الأحوال على إبطاء التراجع المتوقع”. “ولأول مرة في البشر، اكتشفنا طريقة لتجديد الدماغ المتقدم في السن – كما يتضح من التصوير بالرنين المغناطيسي للدماغ – وبما يتيح استعادة الوظائف الإدراكية لأنفسنا كما كنّا في سن أصغر.”
عيادة Aviv Clinics Dubai في أبراج بحيرات جميرا، دبي تستخدم الآن هذا البروتوكول بالذات لتحفيز التعزيز المعرفي لدى البالغين الأصحاء المتقدمين في السن.
يقدم لك برنامج أفيف الطبي فرصة مميزة للاستثمار في صحتك مع تقدمك بالعمر