تأثير الصيام المتقطّع على صحّتك الذهنية
يحتدم النقاش في مجال الصحة حول الأنظمة الغذائية الأكثر ملاءمةً لصحّتك، وفي الوقت الذي يُصرّ البعض فيه على أفضلية الأنظمة منخفضة الكربوهيدرات والغنيّة بالدهون، يؤكّد آخرون على أن النظام الغذائي الغني بالكربوهيدرات ومنخفض الدهون هو الأفضل. مع تضارب هذه الآراء، يُصبح من الصعب معرفة أي جانبٍ هو المحق وأي نظامٍ غذائيٍ هو الأفضل. إلا أنه هناك طريقة لتناول الطعام قد تساعدك على إنقاص وزنك وتحسين صحتك الذهنية وحتى إطالة عمرك دون قيودٍ غذائيةٍ صارمة. والأفضل من ذلك، أنها ليست نظاماً غذائياً بالمعنى التقليدي للكلمة.
هذه الطريقة هي الصيام المتقطّع، والذي ينتشر مفهومه بسرعة ضمن المجتمع الغذائي، فعلى عكس الحِميات الغذائية الرائجة، يعدّ الصيام أكثر من مجرّد موضة عابرة، لأنه قديمٌ قدم البشرية نفسها. إن أجسادنا معدّةٌ لتحمّل الصيام، وأنت تصوم بالفعل كل يوم، منذ تناولك للوجبة الأخيرة ليلاً حتى موعد وجبة الإفطار أنت صائم، ويقوم الصيام المتقطّع على إطالة فترة الصيام تدريجياً حتى يبدأ عقلك وجسمك في تحقيق الفوائد.
باعتبارها مركزاً يهتم بتحسين الصحة والأداء الذهنيَين، تُدرك عيادات أڤيڤ أهمية التغذية السليمة وتأثيرها المباشر على الأداء الذهني والجسدي. إن إجراء تعديلاتٍ على نظامك الغذائي مثل الالتزام بالصيام المتقطّع يـُفيد الصحة الذهنية ويساعد في فقدان الوزن ويقي من بعض الأمراض. إليك المزيد عن الصيام المتقطّع وكيفية المباشرة به.
ما هو الصيام المتقطّع؟
هو أسلوب لتناول الطعام يتضمن تعاقباً في فترات الأكل والصيام، وهو ليس نظاماً غذائياً بل أسلوب حياة، حيث تُشرف بنفسك على برنامج وجباتك، والتي يمكنك تعديلها حسب تفضيلاتك.
يمكنك الجمع بين الصيام المتقطّع مع أنظمة غذائية أخرى في الوقت نفسه، مثل حِمية البحر الأبيض المتوسط أو حِميات باليو أو كيتو أو حمية “النهج الغذائي لوقف ارتفاع ضغط الدم” (DASH)، وفي حال لم تكن راغباً في اتباع نظامٍ غذائيٍ محدّد، يبقى من المهم أن تكون خياراتك الغذائية مناسبة لصحّتك. حاول تجنّب الأطعمة ذات المكونات الصناعية أو المُعالَجة بشكلٍ مفرط، وطالما أنك تلبّي متطلّباتك الغذائية ضمن الوقت المحدّد لتناول الطعام، فكلُ شيءٍ مقبول!
أنت غير مقيّد بنظام غذائي تقليدي، وبالتالي، يُمكنك تعديل وجباتك حسب رغبتك، هذا يعني أنك سوف تلتزم بنظام غذائي ثابت بطبيعة الحال، ما يعدّ ضرورياً لإنقاص الوزن والحفاظ على قوامٍ سليم.
هل الصيام المتقطّع نظامٌ صحي؟
رغم النصائح المتكرّرة التي نسمعها كثيراً حول ضرورة تناول الطعام كل ساعتين أو ثلاث ساعات لنحافظ على قِوانا، إلا أن التاريخ يُعطينا رأياً آخر. لم يكن لدى أسلافنا الذين كانوا يمارسون الصيد والقِطاف إمكانية الحصول على الطعام في جميع الأوقات كما نفعل اليوم، وبالتالي، طوّرت أجسادهم طريقةً للأداء دون إمدادٍ مستمر بالجلوكوز. وهنا يأتي دور الصيام كآلية للبقاء.
بالطريقة نفسها التي ننظّف بها منازلنا ونتخلّص مما لا تحتاج إليه، يستغلّ جسدنا فترة الصيام لتنظيف نفسه. إن الصيام لفتراتٍ طويلة يسمح لجسمك بتطهير نفسه واستخدام البقايا الغذائية من وجبات اليوم السابق، في عمليّةٍ تُسمّى بالتبديل الاستقلابي.
يؤدي التبديل الاستقلابي إلى إبطاء عملية الشيخوخة وتطوّر الأمراض ويساعد في فقدان الوزن لدى من يعانون من السُمنة المفرطة. كما يحول الصيام دون الإصابة بسرطان الثدي لدى النساء والرجال، وتشير الدراسات إلى أنه ربما يساعد على إطالة العمر. إن تناول الطعام باستمرار لا يمنح جسمك وقتاً كافياً للراحة، أي أنك لا تستفيد من عمليات التطهير الناتجة عن التبديل الاستقلابي.
ما هو تأثير الصيام على صحّتك الذهنية؟
يُفيد الصيام المتقطّع في الحفاظ على الصحة الذهنية. فبالإضافة إلى إبطاء عملية الشيخوخة، يزيد التبديل الاستقلابي من المرونة العصبية للدماغ،ما يساعد في تحسين وظائفه وزيادة مقاومته للإصابات والأمراض. يؤدي الصيام المتقطّع أيضاً إلى تحفيز ما يُسمّى “الالتهام الذاتي”، والذي يقي من مرض ألزهايمر وداء باركنسون.
يمكن للصيام أيضاً أن يساعد في إزالة ضباب الدماغ وجعل الذهن أكثر صفاءً. يتمتّع العديد من الأشخاص الذين يصومون بتفكيرٍ أكثر وضوحاً وتحسّنٍ في الحالة المزاجية، ما يمكن أن يفيد العلاقة السائدة بين الدماغ والأمعاء، ويزيد من سعادتك بشكلٍ عام.
الصيام المتقطّع للمبتدئين
هناك طرق مختلفة لممارسة الصيام المتقطّع، أشهرها:
الصيام المُحدّد بالوقت
وهي الطريقة الأكثر شهرةً للصيام المتقطّع ويمارسها معظم الناس. وتقوم على تحديد فترة زمنية لتناول الطعام يومياً. مثلاً، إذا تناولت وجبتك الأولى في الساعة 10 صباحاً ووجبتك الأخيرة في الساعة 6 مساءً، فهذا يعني أنك صمت لمدة 16 ساعة، وتناولت الطعام خلال 8 ساعات، وأن جدول صيامك هو 16:8. النسب الشائعة للصيام المُحدّد بالوقت هي 14:10، 16:8، 18:6 و20:4.
الصيام بنهج يومين مقابل خمسة
تقوم هذه الطريقة على تناول الطعام لمدة 5 أيام بشكلٍ طبيعي والصيام لمدة يومين. في الأيام التي تصوم فيها، تتناول وجبةً تحتوي على 500 سعرة حرارية بالنسبة إلى السيّدات، أو 600 سعرة حرارية بالنسبة إلى الرجال.
صيام يومٍ كل يومين (5:2)
هذه طريقة أكثر صرامةً من صيام 5:2. بدلاً من الصيام لمدة يومين فقط في الأسبوع، فإنك تصوم يوماً كاملاً كل يومين، باتباع برنامج 500-600 سعرة حرارية نفسه للوجبات في أيام الصيام.
يمكنك البدء بالصيام المُحدّد بالوقت قبل تجربة الطرق الأصعب. لا يمكنك أن تُشارك في سباق ماراثوني دون استعدادٍ بدنيٍ لائق، وبالمثل، لا يمكنك الصيام لساعاتٍ طويلة دون بعض التدريب أولاً.
حاول تقليص فترة تناول الطعام تدريجياً كل يوم حتى تصل إلى هدفك. إذا كنت تتناول وجبتك الأولى حالياً في الساعة 8:00 صباحاً، حاول تأخيرها إلى الساعة 9:00 صباحاً ومن ثم إلى الساعة 10:00 أو 11:00 صباحاً. حتى إذا كنت راغباً في تجربة الصيام 5:2، فابدأ بالصيام يوماً واحداً في الأسبوع، وزد ساعات الصيام تدريجياً حتى تصل إلى يومين. مهما كانت طريقة الصيام التي تختارها، حاول أن تلتزم بها، يساعد الالتزام بالروتين على تحقيق المطلوب، وهذا ما يعدّ أمراً أساسياً لنمط حياةٍ صحي.
ما الذي يُبطل الصيام؟
إذا أردت تجربة الصيام، فقد تتساءل عما يمكن اعتباره خرقاً لحمية الصيام.
هل تُفسد قهوتك الصباحية صيامك مثلاً؟ تعتمد الإجابة على الكيفية التي تتناول بها قهوتك.
في حين أنه من الجيد تناول المشروبات الخالية من السعرات الحرارية مثل القهوة أو الشاي أثناء الصيام، إلا أن كلّ ما يحتوي على سعرات حرارية فيه يخرق حمية الصيام، مثل المحلّيات الصناعية أو القشدة التي قد تُضيفها إلى مشروبك.
ولكن هذا لا يعني أنه عليك شرب القهوة السوداء فقط، بل يُمكنك أن تجرّب إضافة الكريمة إلى قهوتك في وقتٍ لاحق كل يوم. حاول تحدّي أفراد عائلتك أو أصدقائك في من يُمكنه تناول القهوة السوداء فقط لفترةٍ أطول!
هل هناك من لا ينبغي عليهم الصيام؟
يجب ألّا يصوم الأشخاص الذين يُعانون من داء السكري (النوع الأول) أو يعتمدون على الأنسولين. قد يعرّضهم الصيام إلى الإصابة بمشاكل خطيرة في نسبة السكّر في الدم مثل نقص السكّر أو الحماض الكيتوني السكّري. يجب على الأشخاص الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم أو مشاكل في ضغط الدم أو الاختلال الذهني ألا يصوموا أيضاً، وكذلك الأمر بالنسبة لأي شخص يعاني من صعوبة في تذكّر تناول الطعام بشكل يومي.
الأشخاص الذين يتناولون أدويةً معينة يجب ألا يصوموا كذلك، وهو ما ينطبق أيضاً على أولئك الذين يستخدمون العصي أو الكراسي المتحركة للتنقّل. مثل أي نظامٍ غذائي آخر، استشر طبيبك إذا لم تكن متأكداً إن كان الصيام مناسباً لك.
خاتمة
فوائد الصيام عديدة وواضحة. يمكنه أن يطيل عمرك ويقلّل من مخاطر الإصابة بالأمراض ويحسن الصحة الذهنية العامة. ولعلّ الفائدة الأبرز للصيام هي أنه يعيد إلينا متعة تناول الطعام. إن لم تكن لديك مشاكل حول الوزن أو القياس أو كميات الطعام التي تتناولها، يمكنك تناول الأطعمة التي لا تغذي الجسم فحسب، بل الروح كذلك.
لا يزال بإمكانك الاستمتاع بالوصفات التقليدية لدى عائلتك دون الشعور بالذنب. من المهم أن يوازن طعامك متوازناً بين الأطعمة التي تجعلك سعيداً وتلك المفيدة لصحتك. يمنحك الصيام المتقطّع فرصةً مثاليةً لتحقيق ذلك، ما يتيح لك أن تعيش أفضل حياةٍ ممكنة، وبالطريقة التي تريدها.
تقدّم عيادات أڤيڤ بروتوكول علاجٍ فعال للغاية وقائم على الأبحاث العلمية لتعزيز أدائك الذهني وتحسين الأعراض الجسدية والذهنية الناتجة عن حالات صحية مختلفة، مثل إصابات الدماغ الرضحيّة ومتلازمة الألم المزمن (فيبروميالجيا) ومرض لايم والخرف.
يستخدم بروتوكول العلاج المكثّف لبرنامج أڤيڤ الطبي الأكسجين عالي الضغط، ويتضمن الإشراف الغذائي من قبل اختصاصي التغذية لتحسين نظامك الغذائي من أجل صحةٍ ذهنيةٍ أفضل. بناءً على أكثر من عقد من البحث والتطوير، يعدّ برنامج أڤيڤ الطبي شاملاً ومخصّصاً لتلبية احتياجاتك.