عكس عملية الشيخوخة: نظرة فاحصة على التيلوميرات
يبدو أن الشيخوخة جزء لا مفر منه من الحياة.. يتقلص العمود الفقري، وتتجعّد البشرة، وتتضاءل قوة الانتباه. ولكن، ماذا لو كان من الممكن الهروب من الشيخوخة – أو على الأقل عكسها؟ ماذا لو تمكّن العلماء من استهداف السبب الجذري للشيخوخة في خلايانا، ومعالجته كما لو كان مرضاً؟ في الحقيقة، وبشكل لا يصدق، لم يعد هذا الكلام مجرد ضرب من الخيال.
لقد أجرى باحثون في إسرائيل أول دراسة في العالم لإثبات إمكانية عكس الآثار البيولوجية للشيخوخة. ومن خلال التطبيق المستهدف للبروتوكول الفريد للعلاج بالأكسجين عالي الضغط (HBOT)، تمكن العلماء من عكس عملية الشيخوخة البيولوجية لدى البالغين الذين تزيد أعمارهم عن 64 سنة. وتعتبر هذه النتائج رائدة حقاً، نظراً لإمكانية الوصول إلى العلاج بالأكسجين عالي الضغط، لا سيما في عيادات Aviv Clinics حول العالم، وهي الوحيدة التي توفر هذا البروتوكول المتميّز والفريد للعلاج بالأكسجين عالي الضغط.
إذاً، كيف تمكن هؤلاء الباحثون من إنجاز مثل هذه المهمة التي بدت مستحيلة، والتي كانت تسبح فقط في الخيال العلمي منذ 50 عاماً فقط؟ تكمن الإجابة في التيلوميرات، وهي عنصر أساسي ومؤثر في حمضك النووي.
إذاّ، ما هي التيلوميرات؟ تابع القراءة لمعرفة المزيد!
ما هي التيلوميرات؟
التيلوميرات هي مكونات أساسية في الخلايا البشرية تؤثر على تقدم أجسامنا في العمر. ويعد فهم الدور الذي تلعبه التيلوميرات في حمضك النووي أمراً ضرورياً لفهم (وعكس) الآثار البيولوجية للشيخوخة. فلنبدأ بالأساسيات.
حمضك النووي
الحمض النووي عنصر مفهوم بشكل واسع في علم الأحياء البشرية. ومع ذلك، تمر الحياة على كثيرين منا دون التفكير بصورة واعية في الطرق التي يعمل بها حمضنا النووي. دعونا نغير ذلك!
يحتوي الحمض النووي الخاص بك على التعليمات البيولوجية اللازمة لجسمك لمواصلة النمو والتطوّر. وهناك الملايين والملايين من العمليات الخلوية التي تحدث داخل جسم الإنسان في أي مرحلة عمرية. والحمض النووي هو في الأساس مدير كل هذه العمليات – إذ يوجه خلاياك بهدوء إلى الانقسام، والاستهلاك، وإنتاج البروتينات المعقدة من أجل البقاء على قيد الحياة.
وهنا يأتي دور التيلوميرات. إن تسلسل الحمض النووي له بدايات ونهايات، والتي تتوج بطبقة واقية إضافية من الحمض النووي، والمعروفة أيضاً باسم التيلوميرات. ببساطة، التيلوميرات هي الأجزاء النهائية من حمضك النووي
التيلوميرات وأربطة الحذاء
مصطلح التيلومير (tel-uh-meer) مشتق من الكلمات اليونانية “telos” و “meros”. وتعني كلمة Telos “النهاية” بينما تعني كلمة Meros “الجزء”. تعمل التيلوميرات مثل الأغطية الطرفية الصلبة لرباط الحذاء. تحمي أغطية الأطراف الصلبة الموجودة على رباط الحذاء الأوتار الدقيقة المتصلة بها. وبدون هذه الأغطية الواقية، يمكن أن يتآكل رباط الحذاء بسرعة ويصبح غير صالح للاستخدام. ولكن، طالما استمرت هذه الأغطية الواقية، يمكن أن يظل رباط الحذاء سليماً لبعض الوقت – مثل الكثير من التيلوميرات التي تمنع حدوث تلف في الحمض النووي الأساسي. زمع التيلوميرات السليمة، تكون خلاياك محمية، ويمكنها الاستمرار في العمل كالمعتاد.
زبدون التيلوميرات، تبدأ خلاياك بشكل أساسي في التقدم في السن والموت.
أطوال التيلومير
يبدأ طول التيلوميرات في التقلص مع تقدم الجسم في العمر زمنياً. لاحظ استخدام كلمة “زمنياً” في الجملة السابقة. عمرك الزمني ليس هو نفسه عمرك البيولوجي. في الواقع، يتم تحديد عمرك البيولوجي بشكل أساسي من خلال طول التيلوميرات الخاصة بك!
تعادل التيلوميرات القصيرة عمراً بيولوجياً أقدم. التيلوميرات الأطول تعني عمراً بيولوجياً أكثر صحة وأصغر سناً. لذلك فمن المنطقي تماماً أن يكون عمر 60 عاماً (العمر الزمني) بصحة جيدة من الناحية البيولوجية، إذا كان التيلوميرات طويلة وصحية لمواصلة حماية الخلايا
وكما بدأت ترى، فإن طول التيلومير هو محط التركيز هنا. فمع تقدمنا في العمر، تقصر التيلوميرات، مما يطال حمضنا النووي، ويترك جسمنا عرضة لأمراض الشيخوخة. وتتضمن بعض الأمراض الشائعة للشيخوخة – التي تبدأ بتقصير التيلوميرات – ما يلي: أمراض القلب، والسكتات الدماغية، والسكري، والسرطان، وفي بعض الدراسات، الخرف.
وعندما تصبح التيلوميرات في خلاياك قصيرة جداً، فإنها تدخل في حالة الشيخوخة، وفي حالة غير صحية تسمى الشيخوخة. وعند الشيخوخة، لا يمكن للخلية أن تنقسم لمواصلة تجديد أنسجة الجسم الحيوية. وهذا ما يجعل الشخص بعد ذلك عرضة للإصابة بالأمراض المذكورة أعلاه.
التيلوميرات والأكسجين وعكس الآثار البيولوجية للشيخوخة
مع فهم أهمية التيلوميرات للصحة والشيخوخة، يريد معظم الناس في النهاية معرفة كيفية حمايتها، وكيفية إصلاح أي تدهور حدث بالفعل.
وقد أثبت فريق البحث العلمي بقيادة الدكتور شاي إفراتي ، مؤسس ومدير مركز ساغول الشهير للأبحاث والعلاج بالضغط العالي في إسرائيل – لأول مرة – أن عكس الآثار البيولوجية للشيخوخة أمر ممكن. وباستخدام العلاج بالأكسجين عالي الضغط(HBOT) ، تمكّن الدكتور إفراتي وفريقه من العلماء من زيادة طول التيلوميرات لدى الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 65 عاماً أو أكثر بنسبة تزيد عن 20%!
وينطوي العلاج بالأكسجين عالي الضغط استنشاق المريض للأكسجين النقي في بيئة مضغوطة. وأجريت هذه الدراسة على 35 بالغاً مختلفاً، تبلغ أعمارهم 65 عاماً فأكثر. وتم قياس دم المرضى قبل الدراسة، وكذلك خلال الجلستين 30 و 60 من العلاج بالأكسجين عالي الضغط
وكانت النتائج مذهلة حقاً: المرضى الذين عولجوا بالأكسجين عالي الضغط شهدوا نمواً في التيلومير بأكثر من 20% – في غضون ثلاثة أشهر فقط! وكان للأكسجين عالي الضغط أيضاً تأثير في تقليل الخلايا المسنّة (تلك الخلايا الخطيرة والمسنّة التي لها طول تيلومير ضئيل أو معدوم) بنسبة تصل إلى 37%. وكانت هذه النتائج أساساً لابتكار بروتوكول العلاج بالأكسجين عالي الضغط المتطور والمتوفر فقط في Aviv Clinics.
كيف يمكنني حماية التيلوميرات الخاصة بي؟
لسوء الحظ، يُعزى حوالي 30%-40% من طول التيلومير إلى عوامل وراثية خارجة عن إرادتك. ومن حسن الحظ، لا يزال هذا يتركك بهامش واسع للحماية! فهناك العديد من الطرق المختلفة التي يمكنك من خلالها حماية التيلوميرات الموجودة لديك، وبالتالي التحكم في الضرر والآثار السلبية للشيخوخة. ويشمل ذلك:
التمرين المنتظم
أظهرت الأبحاث أن الأشخاص الذين يتبعون مستويات عالية من النشاط البدني لديهم تيلوميرات أطول بشكل ملحوظ من البالغين الذين يتمتعون بالنشاط المعتدل أو غير النشطين بتاتاً. وبشكل أكثر تحديداً، يُظهر البالغون الذين يمارسون الرياضة بانتظام فرقاً بيولوجياً في العمر يبلغ تسع سنوات مقارنةً بمن لا يمارسون الرياضة.
نظام غذائي متوازن
مثل التمارين المنتظمة، النظام الغذائي المتوازن ضروري لحماية طول التيلومير. وتخلق المستويات العالية من الدهون في الجسم مستويات عالية من الإجهاد التأكسدي – الإجهاد الذي يؤثر بشكل مباشر على سلامة الخلايا لديك.
ومن أجل حماية طول التيلوميرات لديك، يجب عليك تقليل مستويات الإجهاد التأكسدي في جسمك. ويمكن أن يوفر الحفاظ على نظام غذائي صحي ومتوازن غني بمضادات الأكسدة للحمض النووي الخاص بك الحماية المناسبة التي يحتاجها للحفاظ على التيلوميرات الصحية الطويلة
تجنب التدخين والكحول
أنت تعلم بالفعل أن التدخين وشرب الكحول ليسا القرارين الأكثر صحة – لكن هل تعلم أن الأشخاص الذين يدخنون لديهم تيلوميرات أقصر من أولئك الذين لا يدخنون؟ وبالمثل، فإن الأشخاص الذين يتناولون المشروبات الكحولية بشكل مفرط يعانون من مستويات أسرع من الشيخوخة البيولوجية من أولئك الذين لا يتناولونها.
والعلم يقولها صراحة! إذا كنت مهتماً بحماية طول التيلوميرات لديك، فابتعد عن التبغ والكحول.
إدارة الإجهاد
الإجهاد، وخاصة المستويات العالية من الكورتيزول، هو أحد الأسباب الرئيسية لتقصير التيلوميرات. ويتخذ الإجهاد أشكالاً عديدة، لكننا نهتم بشكل أساسي بما يلي: الضغط النفسي، والضغط المزمن، وضغوطات الحياة.
إن هذه الأنواع من الإجهاد ترفع مستويات الإجهاد التأكسدي الذي تتعرض له خلايا جهاز المناعة لديك. ولحسن الحظ، هناك العديد من الطرق الرائعة لتخفيف التوتر في حياتنا اليومية. سواء كان ذلك من خلال اليقظة الذهنية أو فنون الدفاع عن النفس أو التأمل، فمن المحتمل أن تكون قادراً على إيجاد طريقة تناسبك بشكل أفضل.
ويواصل العلماء العمل لإيجاد اكتشافات جديدة في مجال الشيخوخة، مع ظهور أبحاث ثورية ومتطورة بانتظام. لكن من الواضح أن أسلوب الحياة والتدخلات العلاجية يمكن أن يكون لها آثار إيجابية على طول التيلومير، والصحة العامة، وهذه أخبار جيدة لأي شخص يتطلع إلى تمديد فترة صحته.
يقدم لك برنامج أفيف الطبي فرصة مميزة للاستثمار في صحتك مع تقدمك بالعمر